دردشات حول العراق

الحرية نيوز ــ منظمة شباب الوحدة
الأحداث التي شهدها العراق يبدو أن المالكي افتعلها بأمر من أميركا، وذلك من أجل تحقيق الآتي:
أولاً: دفع أهالي المحافظات "السنية" إلى المطالبة بالفدرالية التي لا تلقى قبولاً واسعاً بينها. ولعل ما دعا إليه صراحة طارق الهاشمي مؤخراً على قناة الجزيرة، بعد أن أعلن رسمياً استقالته من منصب نائب الرئيس، إلى أن تتحمل السعودية مسؤوليتها في حماية "السنة" كما تفعل إيران مع "شيعة" العراق ما يؤكد على تواطؤ عملاء أميركا في السعي نحو تقسيم العراق. وكان الهاشمي قد صرح بعد مجزرة الحويجة على يد جنود المالكي قائلاً: "الفدرالية باتت خياراً حقيقياً في العراق بعد أحداث الحويجة والاستهداف المتكرر للسنة في البلاد وتهميشهم".
أما على الأرض فقد بدأت كبرى عشائر العراق في المحافظات "السنية" بالانضمام إلى صفوف "المجلس العسكري لثوار العشائر" ودخلت في حرب كر وفر وحرب عصابات مع القوات العراقية والصحوات التابعة لها، وذلك من أجل التصدي لتجاوزات الحكومة العراقية وما تسميه "الحلف الصفوي" ضد أبناء المحافظات "السنية" خاصة في الأنبار.
وقد جاء تشكيل هذه المجالس العسكرية بعد الدعوة الصريحة التي أطلقها مفتي "السنة" في العراق رافع طه الرفاعي إلى وجوب مقاومة المالكي الذي سماه بالدكتاتور ودعا الرفاعي إلى وجوب فتح جبهات جديدة تشغل المالكي حتى يخفف الضغط على الفلوجة والرمادي.
ثانيا: إيجاد مبررات لفوز المالكي في الإنتخابات القادمة بعد شهرين وذلك تحت مبررات محاربة القاعدة و"الإرهاب" عبر تشديد القبضة الأمنية والاستمرار في استنزاف ثروات الأمة. وبدعوى أنها لا تتدخل في الشؤون السياسية العراقية فإن الولايات المتحدة تكون قد أفصحت عن نيتها بأنها ما زالت تتمسك بنوري المالكي الذي أثبت لها قدرته على الوفاء بـ"اتفاقية إطار العمل الإستراتيجي" والتي من بين أهم بنودها: مكافحة "الإرهاب" والحفاظ على تدفق النفط.
وفي ظل كثرة خصومه السياسيين قد يسعى المالكي إلى تشكيل تحالف جديد مع بعض الأحزاب السنية التي ينقصها الدعم الشعبي، على أمل أن يساهم هذا التحالف في إضعاف خصومه والوقوف ضد الفصائل "الشيعية" المعارضة له داخل مكونه السياسي "ائتلاف دولة القانون". ولعل أكثر ما يهدد المالكي سياسياً هو ظهور بوادر تحالف جديد داخل المكون "الشيعي" بين التيار الصدري وجماعة عمار الحكيم على مستوى الحكم المحلي مما قد يتسبب في سحب البساط من المالكي باعتباره "وكيلاً عن الشيعة" ، لذلك ففي الوقت الذي يقوم فيه بقطع الطريق على (داعش) في إسناد تنظيمها في سوريا يوظف ضربها في استعادة شعبيته لدى الطائفة "الشيعية" ليتمكن من الفوز في الانتخابات المقبلة.
ومع كل ذلك فإنه يبدو أن أميركا لن تسمح في هذه المرحلة بانهيار المالكي لما يتصف به من خضوع تام لها وإخلاص في تنفيذ مخططاتها، هذا بالإضافة إلى نجاحه في السيطرة على المؤسسات الأمنية والعسكرية والمالية في البلد.
ثالثاً: تسليم العراق المزيد من صواريخ جو أرض من نوع هيلفاير، إلى جانب عدد آخر من طائرات الهليكوبتر من طراز "أباتشي" وطائرات الاستطلاع من دون طيار، فهذا ما طلبه المالكي من أميركا خلال زيارته الأخيرة لها. وقد كان الكونغرس الأميركي متردداً في الموافقة على ذلك. إلا أنه بعد الأحداث الأخيرة وبدعوى محاربة "الإرهاب" وتنظيم القاعدة في الأنبار قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور روبرت مننديز أنه يمكن تسليم العراق هذه الشحنات لكنه اشترط الحصول على بعض الضمانات مثل عدم استعمال المالكي لهذه المعدات ضد خصومه السياسيين.
رابعاً: في الوقت الذي بدأ فيه الصراع بين فصائل المعارضة العسكرية السورية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بدأت الأحداث تتصاعد بوتيرة كبيرة في العراق. ويبدو أن تزامن التوقيت في فتح الجبهتين ضد تنظيم (داعش) في سوريا وفي العراق، يراد منه تمكين قوات المعارضة السورية وبخاصة الجبهة الإسلامية من تحقيق انتصارات سريعة على تنظيم (داعش) في سوريا عبر إشغال عناصر القاعدة في العراق ومن ثم إضعاف إمكانية مد يد العون إلى أنصارهم في سوريا.
وقد استغلت أميركا المعارك ضد ما تسميه تنظيم القاعدة والإرهاب في العراق بإعلان البدء في دراسة تقديم تدريب جديد لقوات عراقية خاصة. فقد نقلت رويترز عن مسؤول عسكري أميركي _رفض الكشف عن هويته_ قوله إن مركزاً للتدريب على العمليات الخاصة بالقرب من العاصمة الأردنية عمّان هو أحد المواقع التي يجري دراستها لاحتضان تلك التدريبات.
ولم تكتف أميركا بذلك بل استطاعت تسخير مجلس الأمن الدولي ليصدر بيانا الجمعة 10 كانون ثاني/يناير يعرب فيه عن دعمه للحكومة العراقية في العملية العسكرية التي تشنها في محافظة الأنبار. فقد جاء في البيان أن "مجلس الأمن يعرب عن دعمه التام للجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة العراقية من أجل حماية الشعب في العراق".
وأضاف أن المجلس يحث "العشائر العراقية والمسؤولين المحليين وقوات الأمن في محافظة الأنبار على مواصلة الانتشار والتوسع وتعزيز تعاونهم ضد العنف والإرهاب" مشيراً إلى "الأهمية القصوى في إقامة حوار ووحدة وطنية".
ومن خلال بيان مجلس الأمن هذا يتضح لنا مرة أخرى أن الأحداث في العراق تم تحريكها من أجل أهداف محددة أرادت أميركا انجازها، وهي الترويج للفدرالية وتمكين المالكي من الفوز بالانتخابات القادمة وإمداد العراق بالأسلحة الخاصة وأخيراً إشغال تنظيم (داعش) في العراق لتمكين الجبهة الإسلامية في سوريا وحلفائها من الانتصار على عناصر التنظيم في سوريا من أجل تمهيد الطريق نحو جنيف2 والمرحلة الانتقالية.
12/ربيع الأول/1435هـ